عدد من الطلبة بالمرحلة الثانوية يقع في مشكلة حب زميلته في المدرسة وحبها يشغل باله دائما ويجلس كثيرا جدا في حالة سرحان. وكثير منهم يطلب الحل لكي يتخلص من المشكلة فما هو الرد المناسب أو الحل المناسب لمعالجة الوقوع في هذه المشكلة وشكرا لكم وسدد الله خطاكم.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد ..
كل الحوادث مبدأها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرةٍ فعلت في نفس صاحبها *** فعل السهام بلا قوسٍ ولا وتر
يسر ناظره ما ضر خاطره *** لا مرحباً بسرور عاد بالضرر
لا شك أن الاختلاط أثره شديد ونتاجه مؤثر على النفس والدين. خاصة في عمر المراهقة الذي تكون العاطفة فيه لدى المراهق جياشة وكبيرة. ويكون العلاج ممكنا إذا شاء الله إذا أحس الطالب أو المراهق بآثار المشكلة قبل أن تفسد عليه ما بقي من دينه وديناه ..
ولا نعلم مدى تدين هؤلاء الشباب وقربهم أو بعدهم عن دين الله ولكن يمكننا أن نقدم بعض المقترحات التي نظن أنها تعين الشاب بعد إعانة الله له على تجاوز هذه المرحلة الصعبة منها –ويمكن أخذ ما يناسب منها للبيئة- :
• أولا وقبل كل شيء فعلى المتصدر لاستشارات الشباب أن يكون على خلق حسن في التعامل مع الشباب ومشكلاته كما كان النبي صلى الله عليه وسلم. فقد كان يأتيه الشاب ويستأذنه في الزنى فلم يوبخه ولم يعنفه ، بل قابله بالحكمة والكلمة المقنعة والدعاء والحب. فهكذا ينبغي أن يكون المستشار مقنعا محبا حسن الخلق احتسابا للأجر العظيم في توجيه الشباب واحتسابا للأثر الإيجابي الذي يصنعه ذلك التعامل مع الشاب المراهق.
• فليعلم الشاب أنه ما أصيب بمثل هذه المصيبة إلا وكانت الذنوب سبب لأعمال سابقة فتركه الله ووكله إلى نفسه. ولو كان خالصا لله عز وجل لحماه ووقاه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من جعل الهموم هما واحدا هم آخرته كفاه الله هم دنياه ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك) رواه ابن ماجه وصححه الألباني. فالمطلوب من الشاب بذل الجهد على تدارك ما فاته وأن يقوم بتحصين نفسه بالبعد عن عموم الذنوب والمعاصي والانشغال بالطاعات والقربات لله عز وجل.
• فليعلم الشاب أيضاً أن مثل هذه المشكلات والخطايا لا تصل به إلا لمزيد من الهم و التعب والبعد عن الله عز وجل قال تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم) يقول الشاعر :
فإنك متى أرسلت طرفك رائداً *** لقلبك أتعبتك المناظر
فالعشق والنظر الحرام والخلطة بالجنس الآخر متلف للقلب والنفس ومهلك للقوى والعزائم. فمعرفة أن هذا الأمر يجلب الحسرة والندامة معين على البعد والنفور منه. وكلما زاد في قربه من الطرف الآخر زاد همه.
• ينبغي أن يعلم المراهق بأن إقامة العلاقات مع الطرف الآخر بدون عقد شرعي محرم بإجماع الأمة وقد نفر الله عز وجل منه في قوله (ولا تقربوا الزنى) فالعلاقات غير الشرعية باب إلى الزنى وقد نهى الله عن الزنى وكل الأمور التي تؤدي إليه.
• على الشاب أن يصنع البعد المكاني من بيئة الاختلاط. فالدول التي تكثر فيها بيئات الاختلاط تكثر فيها المشكلات العاطفية بين الطلاب والطالبات. والعاطفة ليست هي بذاتها الخطأ فهي فطرة وضعها الله. ولكن توجيهها في غير وجهتها وعدم حسن التعامل معها هو الذي يسيء توجيهها. فعلى الشاب والشابات البعد عن الأماكن المختلطة وعدم التقارب من الجنس الآخر قدر المستطاع. فالمدارس غير المختلطة أولى من المدارس المختلطة وتجمع الطلاب في جهة غير جهة الطالبات في المدارس المختلطة واتخاذ دروس خصوصية مع نفس الجنس أقرب لصيانة النفس وهكذا.
• ينبغي غض البصر من الشباب والشابات كل عن الطرف الآخر. وما أمرنا الله بأمر إلا فيه الخير والنفع ولو كانت النفس تدفع إلى غيره. قال تعالى: (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) ويقول (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبيرٌ بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن) فربط الله عز وجل بين غض البصر وحفظ الفرج في آية واحدة. وقد غلَّظ في النظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : (العينان تزنيان وزناهما النظر). وكثير من مشكلات الشباب سببها الرئيس هو التساهل في النظر والاسترسال فيه.
• مع العلم بأن هناك مشكلة في الاختلاط فالمشكلة تكون أكبر عند الخلوة وعندها يكون الشيطان ثالثهما. فإن كان الفرد يمنع من الاختلاط فالمنع أكبر عند الخلوة (ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) صحيح الجامع الصغير.
• دعاء الله عز وجل والاستعانة به سبحانه أن يعينه لترك ما هو عليه من خلطة وهم وغم . وقد سأل أحد الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلمه دعاء فقال (يا رسول الله علمني دعاء قال قل اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي ومن شر بصري ومن شر لساني ومن شر قلبي ومن شر منيي) صحيح أبي داود.
• تحذير الشاب من الاسترسال بالخواطر والأماني. وتستمر هذه الخواطر والأماني حتى تتعاظم في نفس الفرد فتتحول إلى سيل من الدوافع والغرائز التي قد تضر به.
• بذل الجهد في شغل النفس بحب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم. فالتمتع والتلذذ بقراءة كتاب الله عز وجل واستشعار ومعايشة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم معين على دفع ما سواهما بإذنه تعالى. إن هذه العواطف الجياشة في مقتبل العمر ينبغي أن توجه إلى محبة الله ورسوله وصحابة وعظماء الأمة الأحياء والأموات.
• شغل الشاب المراهق بالنافع والمفيد فالنفس إن لم تشغلها في طاعة شغلتك في معصية. فالانهماك بالإعمال والعلم مشغل عن تذكر العلاقات ومعين على تجنبها. ولا شك أنه بعد فترة يتقلص تأثير المشكلة حتى تختفي إن شاء الله إذا لم يكن هناك من يشب أوارها مرة أخرى من الاختلاط والنظر والخواطر الردئية.
• دمج الشاب المراهق في صحبة صالحة معينة على الخير قال تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة) صحيح الجامع الصغير.
• ينبغي على الشاب أن يتخذ مستشاراً عاقلاً أميناً على أسراره من الثقات الكبار كالمعلم أو الأب أو الأخ الأكبر أو غيرهم يستعين به في حال استصعاب الأمور. فالشاب يحتاج من يبث إليه شكواه ويعينه بالكلمة الناصحة والتوجيه الأخوي أو الأبوي الحاني ويشد أزره ويحفظ سره وإلا نقل شكواه لأصحابه غير المؤهلين فأساء لهم وأساؤا له من غير علم.
• دوام التوبة والاستغفار والندم علاج إيجابي لما قد يحصل من ذنوب وقد أمرنا الله بالتوبة والاستغفار مهما تكررت الذنوب (علم عبدي أن له ربا يغفر الذنوب اشهدوا أني قد غفرت له) (من سرته حسنته وساءته سيئته فذلكم المؤمن) صحيح الجامع الصغير.
• تعليم الشاب المراهق أن الذنوب تكبر مع الإصرار والاستهتار. ولا شك أن الاختلاط بالجنس الآخر والنظر إليه وهو لا يحل له ذنب يجب دفعه بالاستغفار والخوف منه. فإن معرفة هذا الأمر يعين الشاب على عدم الرضى بما هو عليه وعدم الاسترسال بما هو فيه. وهو أفضل ولا شك من استحقاره لهذا الذنب أو ذاك حتى يقع فيما هو أكبر منه.
• تعليمه على مراقبة الله عز وجل في كل شي والخوف منه واستشعار نظر الله إليه. فكيف تطيب النفس في شيء يُغضِب الله عز وجل وهو الرقيب عليك في كل حركاتك وسكناتك.
• زرع الاهتمام بالصلاة والخشوع فيها والتذلل إلى الله والتقرب إليه ففيها من الخير والعلاج ما يرقى له شيء .يقول تعالى (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر). لذا كان على المربي زرع الاهتمام بالصلاة والعبادة الخاصة لضمان علاج كثير من القضايا المستعصية.
• ومن العلاجات المتابعة بالصيام. فالصيام للفرد "وجاء" كما رواه البخاري. فيدعو الصائم خلال صيامه بأن يعينه الله في حياته ويعفه ويبعده عن مثل هذه المشكلات معين بإذن الله عز وجل.
• اعلم أن النجاح مع البذل والمثابرة وأن جهاد النفس موصل إلى بر الأمان إن شاء الله تعالى وقد قال الله عز وجل (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) وعدم اليأس من البذل والمعاناة وقد قال الله عز وجل (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا)
• لا شك أن الزواج حل لكثير من مشكلات الشباب ولكن في هذا الزمان قد يصعب الزواج في المرحلة الثانوية في كثير من دول العالم الإسلامي. فمن كان يستطيع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج كما ورد في الحديث الذي رواه البخاري.
• ختاما فليتأكد الشاب أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. فابذل الأسباب في التقوى في كل حياتك فهو الحل لكثير من مشكلاتنا (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)
ويمكن أن تكون الحلول عند الشكوى على مراحل :
1- أولا صناعة العلاقة الاستشارية الدائمة مع الشاب حتى لا يبتعد وتنفرط الأمور.
2- التوعية العامة بخطورة المشكلة وآثارها وربطه بالصحبة الصالحة المعينة على الخير وبالمسجد ومتابعة هذه المرحلة.
3- إشغاله بالأعمال الخيرية والطيبة وإعانته وتشجيعه على ذلك .. وبذل الجهد في رفع المستوى الإيماني.
4- صناعة الحواجز في العلاقة بالجنس الآخر وتوضيح خطر الاستمرار على ذلك وآثارها الدنيوية والأخروية.
5- دعمه عبر الصحبة الصالحة والأعمال الخيرية والدعوية حتى ينشغل عن هذه المشكلة إلى أن يصلب عوده ويكبر ويبحث عن الطريق الصحيح بالزواج.
6- على المشرفين على المدارس والآباء المطالبة بمدارس خاصة للأولاد ومدارس خاصة للبنات فأفضل المدارس على مستوى الدول المتقدمة مثل انجلترا وفرنسا هي المدارس الدينية غير المختلطة .. وكثيرا ما حاول صناع القرار في أمريكا وإلى فترة قريبة جدا الفصل بين الجنسين في المدارس. فالمطالبة بالفصل بين الجنسين مهم جدا تربويا وتحصيليا. وعلى صناع القرار في الوزارات والحكومات أن يتقوا الله في الشباب وأن يبعدوا أسباب الهم والحزن عن قلوبهم العاطفية. وأن يحصنوهم ليكونوا نعم المستقبل للبلاد بإذن الله.
المفكرة الدعوية